الماضي: آلاف السنين من السكان المتواصلين
في المدخل الغربي للقدس تقع قرية لفتا، وهي بقايا القرية الفلسطينية، التي بدأ بناؤها، على الأكثر، في القرن السادس عشر. وطورت القرية من وحول مزرعة صليبية في القرون الوسطى، والتي كانت في حد ذاتها تجسيدا لاحقا لمبنى هلينستي ضخم لا يزال قائما في قلب القرية التاريخي. تشهد البقايا الأثرية والمعمارية على استمرارية الاستيطان في لفتا، لالاف السنين، ويتم تحديد الموقع مع الكتاب المقدس مي نافتوح. خلال الفترة العثمانية، كانت قرية لفتا منطقة زراعية رئيسية في القدس، ولها مجموعة واسعة من معاصر الزيتون ومطاحن القمح وصناعة زراعية مزدهرة. تم بناء العديد من أحياء القدس، اليهودية والعربية على حد سواء، على أراضي تم شراؤها من القرية في نهاية القرن التاسع عشر. في عام 1948، وبعد حرب الاستقلال الإسرائيلية، تم التخلي عن القرية وهرب سكانها إلى القدس الشرقية والضفة الغربية. في الخمسينات، تم إعادة توطين العائلات اليهودية، والمهاجرين الجدد من اليمن وكردستان، في القرية. تم إخلاء هذه الأسر من قبل دولة إسرائيل في عام 2017، وآخر سكان ليفتا.
الحاضر: من مشهد ثقافي فريد إلى حي من البيوت الفخمة المخصصة للاغنياء؟
قرية ليفتا هي البقايا الوحيدة اللتي بقيت على قيد الحياة في مثل هذه الحالة الرائعة، من ثقافة معمارية وزراعية سائدة في الشرق الأوسط منذ آلاف السنين، لكنها دمرت تماما في عام 1948 (في إسرائيل) أو خضعت للتحديث والتطوير، وبالتالي فقدت أي سمة تاريخية ثقافية قديمة (في إسرائيل والدول المجاورة). هو الموقع الأكثر اكتمالا وألافضل حفظ في منطقتنا التي تعكس تنمية زراعة وهندسة معمارية وثقافة محلية، شهادة حية على المشهد الذي كان شائعا في إسرائيل لآلاف السنين من التاريخ ولم يعد كذلك. اليوم، تشكل قرية لفتا موطن طبيعي وغني لكثير من النباتات والحيوانات، بعضهم نادرا، محميا ومهددا بالانقراض، والمدرجات الزراعية والينبوع. أهمية لفتا في الحفاظ على المجمع بأكمله – التاريخ البشري، والمنازل، والنظام الزراعي والطبيعة الذين يشكلن معا المشهد الثقافي في لفتا. ونظرا لتفردها وأهميتها، فقد أضيفت مؤخرا إلى قائمة إسرائيل التراثية لمواقع التراث العالمي من قبل اللجنة الإسرائيلية لليونسكو في وزارة التربية.
تعتبر لفتا اليوم جزء مهم من المناظر الطبيعية المحيطة بالقدس، وبفضل موقعها المركزي عند مدخل المدينة، يمكن الوصول إليها بشكل خاص فهي رئة خضراء ومغناطيس لمختلف السكان في القدس وللكثير من المسافرين من إسرائيل وحول العالم. جمال يفتا هو السمة المميزة وجزء لا يتجزأ من مدخل القدس، مشهد المدينة وسحرها.
وعلى النقيض من ذلك، يجري حاليا تعزيز بناء خطة رقم 6036 بقوة من قبل بلدية القدس وسلطة أراضي إسرائيل. وتهدف الخطة إلى تدمير المشهد الثقافي في لفتا وبناء حي صغير مكون من البيوت الفخمة للسكان الاغنياء، مع الطرق وشوارع ومواقف للسيارات، والجدران الاستنادية الضخمة وقطع واسعة الصخور على الجبل. لا يوجد بناء حديث قادر على التعامل مع التضاريس الصعبة للقرية والحاجة إلى البنية التحتية والطرق دون ترك علامة عميقة وإصابة الجبل، كما أستطاع بناة ومقيمي القرية فعل بشكل استثنائي لمئات السنين.
المستقبل: بناء رؤية بديلة للفتا
يعمل التحالف لانقاذ لفتا منذ عام 2010 لوقف خطة 6036 وتعزيز التخطيط البديل الذي سيركز على الحفاظ على المشهد الثقافي لقرية لفتا كموقع تراث محلي وعالمي للأجيال القادمة. في رؤيتنا، لفتا هو موقع سياحي وبحثي، وهو متحف مفتوح للتراث الثقافي العربي المبني والطبيعي، حيث يمكن للمرء أن يتعلم عن طرق الحياة القديمة التي تطورت هنا في الشرق الأوسط على مدى آلاف السنين من التاريخ. في رؤيتنا لفتا هو نموذج للبحث عن مسارات لحياة مشتركة من السلام والمصالحة والعدالة، تقديرا للآلام المتبادلة وعلى أساس التعمق في التعارف مع القصص والتراث والثقافة المجيدة والمجتمعات المختلفة التي لفتا تعد لهم منزل، وحلم وتاريخ